رسالة في الرد على من شكك في كون العيد يوم الثلاثاء في بعض الدول الإسلامية
فهذا تعليق مختصر على البيان الصادر عن الجمعية الفلكية بجدة بشأن إمكانية رؤية هلال شوال مساء الاثنين، فقد ورد فيه تشكيك الناس بالعيد، وأن العيد -بحسب رأيهم- هو الأربعاء وليس الثلاثاء، فأقول:
١- بأن الهلال شرعا هو اسم لما يستهل به ويعلن، فإذا أعلن عن رؤية الهلال من الجهات الرسمية كان هلالا شرعا حتى ولو وقع الخطأ في ثبوته، ولهذا فقد اتفق الفقهاء على صحة الوقوف بعرفة في اليوم العاشر من ذي الحجة إن أخطأوا في دخول الشهر، وكان ذلك اليوم هو يوم عرفة في حقهم، وممن نقل هذا الاتفاق شيخ الإسلام ابن تيمية.
٢- بأن العيد عندنا قد ثبت بطريق شرعي، وهو الرؤية بالعين المجردة ولو من شاهد واحد، كيف وقد رؤي هلال شوال من ستة شهود ثقات؟ وفي الحديث:"صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته".
وهذا ما عملنا به ولله الحمد، فإنا لم نفطر إلا بتحقق الرؤيا من الثقات الذين قبلت شهادتهم لدى القضاء الشرعي.
٣- أن الحساب الفلكي موافق للرؤية ولله الحمد، فقد ذكر الفلكيون بأن الهلال يغيب بعد غروب الشمس، وهذا يعني أن رؤيته ممكنة، وخاصة في المكان الذي رُؤي فيه "حوطة سدير"، فهذه البقعة عبارة عن هضبة مرتفعة بدرجة كافية لرؤية الهلال وقد كان الجو فيه صحوا.
نعم لو كان الحساب الفلكي يقطع بغياب الهلال قبل غروب الشمس أو معه لاعتبرنا ذلك قرينة على كذب الشاهد أو خطأه، لكن ثبت فلكيا غيابه بعد غروب الشمس.
٤- أن عدم تمكن مرصد الجمعية المذكورة من رصد الهلال في مطلع الهدا في الطائف إنما كان لكون السماء ملبّدة بالغيوم.
٥- أن التلسكوب وإن كان فعلا يتفوق على العين المجردة في تحديد مكان الهلال إلا أنه لا يتفوق عليها في رؤيته، لأن التلسكوب لا يكبّر الأجرام كما يتوهمه البعض، بل يزيد من كمية ضوئها، ولما كان طلوع الهلال قريب جدا من الشمس فإن أشعتها لا تتيح رؤية واضحة للتلسكوب، فكانت العين المجردة متفوقة هنا، فإن ضُم إليها خبرة الرائي في تحديد مكان طلوعه صارت رؤيته قوية.
٦- زعمت الجمعية في بيانها أن الشهود قد أخطأوا، وذلك باحتمال أن يكون الكوكب الذي رؤي هو زحل، وقولهم هذا لا يعدو أن يكون ظنا، فهم لم يقطعوا به وإنما ترجح لديهم، ولما كان الشهود الذين رأوا الهلال من أهل الخبرة، وهم يعرفون موضع طلوعه فإن قولهم مقدم على قول من ادعى خطأهم في الرؤية.
٧- أن الجمعية المذكورة ذكرت رأيها قبل نهاية رمضان بأن العيد يوم الأربعاء، وقد خولفت من فلكيين مشهورين، منهم العجيري وعيسى رمضان، فقد ذكرا بأن العيد الثلاثاء حسابا ورؤية، وهذا الاختلاف في أوساط الفلكيين يدل على صدق شهادة الشهود إذا وافقها عدد كبير من الفلكيين.
وبناء على ما تقدم؛ فإن فطرنا قد تم بطريقة شرعية سليمة، فلا يجوز لأحد أن يشكك فيه انتصارا لذاته ودفاعا عن رأيه، كيف وقد أفطر المسلمون؟ والنبي صلى الله عليه وسلم:"صومكم يوم يصوم الناس، وفطركم يوم يفطرون".
فينبغي لكل مسلم ومسلمة أن يطمئن لفطره ويهنأ بعيده، ولا يلتفت إلى هذا الرأي المشكك، ولا يزيّن لهم الشيطان فكرة القضاء احتياطا، وإن كان قد بدأ بصيام ست من شوال هذا اليوم فليتم صومه، وإني صائم.
والله أعلم.
وكتبه/
د. نايف العجمي
تعليقات